وفي اليوم الثالث على حمام الدم في غزة، يبقى القطاع النازف محور الحدث والحديث، في وقت يبدو أن العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة مرجحة للاستمرار بشكل تصاعدي، إذ تواصلت الغارات طوال النهار بعد ليل طويل من الغارات المكثفة التي حصدت حتى الآن اكثر من 350 قتيلا واكثر من 1600 جريح وسط معلومات، لم تتأكد بعد، عن إصابة الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حركة "حماس" جلعاد شاليط جراء القصف المركز على القطاع.
على خط مواز، لم تمض ساعات على دعوة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله مساء امس، القوات المسلحة المصرية لمواجهة المسؤولين المصريين، والشعب المصري للنزول الى الشارع وفتح معبر رفح بصدره اضافة الى ما تضمنته كلمته من اتهام مصر بالتواطؤ مع العدوان الإسرائيلي، حتى ردت القاهرة على لسان وزير خارجيتها محمد ابو الغيط من انقرة، الذي اعتبر تصريحات نصرالله بمثابة "إعلان حرب على الشعب المصري"، مؤكدا في المقابل ان "الشعب المصري سيتصدى لهذه الحرب".
أبو الغيط، وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي علي بابا جان في انقرة، قال ان "احدهم ممن تتحدثوا بالأمس طالب شعب مصر بالنزول إلى الشارع وإحداث حالة من الفوضى مثلما خلقوا هذه الفوضى في بلادهم، كما تحدث إلى القوات المسلحة المصرية مطالبا إياها بالتمرد"، واصفاً السيد نصرالله بأنه "لا يعي من أمره شيئا"، ومؤكدا "أن "القوات المسلحة المصرية هي قوات شريفة للدفاع عن بلادها". وأضاف: "اذا كان نصرالله لا يعي ذلك فانني أقول له هيهات، لانّ هذه قوات مسلحة شريفة وقادرة على الدفاع عن هذا الوطن ضد أمثالك". ورأى أبو الغيط أن السيد نصرالله "يرغب في الفوضى في هذا الإقليم خدمة لمصالح ليست في مصلحة أهله".
في هذه الاثناء، ولليوم التالي على التوالي وجه السيد حسن نصر الله في كلمة ألقاها خلال "يوم الحداد والتضامن مع غزة" في الضاحية الجنوبية رسائل في اتجاهات مختلفة طالب خلالها رئيس الجمهورية ميشال سليمان بالعمل والضغط في اتجاه عقد القمة العربية لبحث الوضع في غزة، مشيراً الى ان هناك من يعمل على تعطيل انعقادها. وجدد الدعوة الى الشعوب العربية والإسلامية لمواصلة التحرك، معتبراً ان "الإرادة العدوانية قوية وبحاجة لمواجهة"، معلنًا دعمه لمطلب قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة وكذلك انتفاضات على مستوى العالمين العربي والإسلامي.
الرئيس ميشال سليمان أعلن من جهته تأييد عقد قمة عربية طارئة في أسرع وقت، وأبدى ارتياحه لوحدة الموقف الفلسطيني في لبنان، معربا عن أسفه لغياب التضامن العربي.
في غضون ذلك، استمرت الدعوات الى تحييد الساحة اللبنانية وتحصينها، حيث دعت الأمانة العامة لقوى "14 آذار" في بيان لها الى "تحصين لبنان ودرء الأخطار عنه، خصوصا بعد اكتشاف الصواريخ المشبوهة في الجنوب"، مشيرة الى ان هذه الامر " يستوجب التمسك بالشرعيات الثلاث، الشرعية الدستورية اللبنانية، والشرعية العربية المتمثلة بالتضامن العربي ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية وفي طليعتها القرار 1701".
ولفت البيان الى ان الهدف من "العدوان الوحشي" على غزة هو "تحسين موقع اسرائيل التفاوضي من خلال إعادة الإعتبار لقوتها العسكرية وشرذمة القوى الفلسطينية، وإحداث إنقسامات تعطل قدرة الدول العربية على فرض "مبادرة السلام العربية" التي كانت أقرّت في قمة بيروت في العام 2002، وأعيد التأكيد عليها في قمة الرياض في العام 2007.
وأكدت "ان التمسك بمشروع السلام العربي يشكل المدخل الأساس لحشد الدعم الدولي ولجم التطرف الاسرائيلي"، مشددة على "نبذ سياسة المحاور والتأكيد على التضامن العربي ورفض المتاجرة بالدم الفلسطيني التي تقوم بها جهات تسعى الى الصفقات السرية والعلنية مع اسرائيل وتحاول نقل المشكلة من صراع عربي ـ اسرائيلي الى صراع عربي ـ عربي".
كما دعا المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى في بيان بعد جلسة استثنائية برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، الدولة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها وضبط الأمور في منطقة الجنوب حتى لا تتخذ اسرائيل الذرائع من أجل الاعتداء على لبنان مجددا". وناشد القادة العرب الاسراع في عقد قمة عربية استثنائية لمعالجة تداعيات العدوان الإسرائيلى غزة والعمل على تأمين كل أشكال الحماية والدعم للشعب الفلسطيني، منبها من خطورة الدعوات إلى نقل المعركة من الساحة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني الى مجتمعاتنا العربية.
اقليميا، وفي الوقت الذي يبدو معه ان اسرائيل مستمرة في حربها على قطاع غزة حتى "اسقاط نظام حماس" على حد تعبير نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي حاييم رامون، اكد ابو الغيط أنّ الموقف في المنطقة خطير للغاية، فيما اعلن وزير الخارجية التركي علي بابا جان استحالة مواصلة مفاوضات السلام غير المباشرة بين اسرائيل وسوريا بوساطة تركية في ظل هذه الظروف في المنطقة، وقال خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره المصري "من المستحيل بالطبع مواصلة المحادثات في هذه الشروط". واضاف "ان خوض الحرب من الجانب الاسرائيلي الفلسطيني وفي الوقت نفسه اقرار السلام من الجانب الاسرائيلي السوري، امران لا يمكن ان يتزامنا"
الإثنين ديسمبر 29, 2008 4:12 pm